اداب الرافدین

الملخص

على الرغم من أن الانتقاد یمکن أن یکون أحیاناً فِعلاً یسیء للشخص المخاطب، الا أنه یعد فی حقیقة الأمر ظاهرة لغویة مهمة للتواصل الیومی بین الناس. وعادة ما یتضمن فِعل کلام الانتقاد موقفاً إیجابیاً حینما یؤدیه المتکلم بهدف تحسین مستوى عمل المخاطَب وقوله وأفعاله وتصرفاته ... إلخ. تهدف هذه الدراسة إلى وصف فعل کلام الانتقاد بـاللهجة الموصلیة العربیة، فضلاً عن تحری استراتیجیات فعل کلام الانتقاد التی یستعملها متحدثو اللهجة الموصلیة العربیة من أَعمار مختلفة وفی مواقف الحیاة الیومیة المتنوعة. وأما ما یخص البیانات لهذه الدراسة فقد حَوت الدراسة على (75) لفظاً نقدیاً یستعمله الذکور، و(75) أیضاً تستعمله الإناث. إذ تم تسجیل ذلک فی المدونة، وتحلیله وتصنیفه على أساس النسخة المعدلة الخاصة بـنموذج نوین (2005 ، 2013) الخاص باستراتیجیة النقد. کما أن سیاق الأقوال قد أُخِذ بنظر الاعتبار لما له من تأثیر کبیر فی استراتیجیة النقد.
    وتحقق الدراسة فرضیة البحث التی تقول بأن متحدثی اللهجة الموصلیة العربیة یمیلون لاستعمال استراتیجیات غیر مباشرة أکثر من تلک الاستراتیجیات المباشرة، حینما یودّون التعبیر عن حالات النقد. لقد وجد بأن استراتیجیة ”التساؤل/الافتراض المسبق“ asking/presupposing تعد الأکثر استخداماً بین الاستراتیجیات الأخرى. وقد کشفت الدراسة عن استراتیجیة نقد جدیدة تسمى ”النقد الحاد“ severe criticism التی لم تتطرق إلیها نوین، غیر أنها ذات صلة بالنقد. کما حققت الدراسة الحالیة أیضاً على فرضیة أن فعل کلام الانتقاد فی اللهجة الموصلیة العربیة یظهر من خلال أشکال دلالیة ونحویة محددة. وأخیراً، تکشف الدراسة عن أن متحدثی اللهجة الموصلیة العربیة یستخدمون بعض الأدوات التلطیفیة لتطریة أسالیبهم النقدیة. وهنا یتبین أن المتحاورین یستعملون بشکل کبیر الأداتین ”الانحیازی“ subjectivizers و”التجمیلی“ sweeteners من بین الأدوات الأخرى. کما أنه یتم تحقیق (أسلوب) التأدب من خلال استعمال استراتیجیاته الخاصة: أی الاستراتیجیة غیر المهذبة bald-on record strategy، واستراتیجیة التأدب السلبیة negative politeness strategy ، والاستراتیجیة الاستدلالیة (غیر الصریحة) off-record strategy.