- XML
- أصل المقالة بشكل PDF 707.03 K
- الملفات الإضافیة
- صفحة عنوان عربی معدلة.pdf
الملخص
عتادت دراساتنا الأکادیمیة فی تاریخ الأدب أن تعتمد جملة من الاخبار مادة مسلما بها تردد على الأسماع جیلا بعد جیل، إلى جانب جملة من النتاج الأدبی شعرا ونثرا تدرس دراسة تقلیدیة قائمة على بیان ماوضح من المعانی والافکار دون التوغل فی اعماق هذه النصوص واستکناه عالمها الداخلی والربط بین مقدماتها ونتائجها، ومن غیر استرشاد بأسس التمییز بین صالح هذه المادة وفاسدها ، ومقدار دلالة هذا التاج على نفسیات أصحابها من خلال الرموز والشیات، وموحیات الألفاظ والتراکیب الفنیة ، و کذلک مقدار الترابط بین الواقع الذی یحیاه الشاعر والناس وبین مضامین هذا التاج الأدبی .
کل هذه الأمور مازالت غائبة عن مناهج دراستنا للأدب العربی، مما یجعل مثل هذه الدراسات عقیمة الفوائد غیر مفضیة إلى مابتوخی فی هذه الدراسات من نتائج نربی العقول على الاستنباط والتوغل فی اعماق النصوص ومدارسة اجوائها الداخلیة، أو ان تربی النفوس على تذوق الدلالات واللمحات الفنیة والصورة الجمیلة البارعة بایحاءاتها وملامحها الحیة، او ان تعود الدارس على عدم التسلیم بالمقولات والاحکام الجاهزة التی تمثل تصورات معینة بمقاییس نقدیة خضعت لتطور الحیاة فی مختلف مضامیرها. ومن جملة ماتداولته مصادرنا الأدبیة موضوع النقائض بین المثلث الأموی جریر والفرزدق والأخطل، وما أفاضت فیه من حدیث بشکل فی اغلب مادته اسرافا یصور الموضوع على أنه صدى عمیق لمعرکة کان لها ایغال فی عمق الزمن و امتداد فی رفعة الحیاة العربیة الاسلامیة، کما أن هذه الدراسات قد رسمت للدارسین صورة سلبیة لهذه الحیاة من خلال مادة النقائض حین ارادت ان تشخص - وبعنف مسرف - قوة الانحراف فی اخلاق الناس وسلوکهم وعقیدتهم، مما جعل مجتمعاتهم تنبت مثل هذا النبات السیء المتمثل فی هذا اللون من الشعر بحیث نرحب به وتجعله مادة من مواد المقارعة بین القبائل التی عادت إلى الجاهلیة اعنف ماتکون العودة وانقلبت على قبمها ومثلها اسوأ مایکون المنقلب.
ان مادة النقائض مادة کثیرة لا سبیل إلى التنکر لها أو حملها على محمل الانتحال . فذلک أمر ینوء به الکامل ولا یفضی إلى نتیجة ، بل الذی نود ان نثبنه ان هذه المادة الوفیرة هی من نتاج اناس معدودین زاغت بهم الفطر السلیمة وانتاثت علیهم سبل الحیاة السدیدة فرکبوا هذا المرکب الصعب ، ولم یسعهم ان یزیحوا عن انفسهم عناء التخلی عن ذلک المسلک... فلقد اور ثهم ذلک شیئا من الشهرة التی تتطلبها النفوس المنحرفة وهی الأترضى بشیء من سواء الحیاة بقناعة النفس الرضیة.
ولقد استأثرت سیرة جریر بشیء من اهتمامی حیث کنت اجدنی على غیر قناعة مما یقال من أمر ورعه وتقواه .
ذلک أن لنا مقاییس فی القیم والأخلاق هی التی توزن بها اعمال الرجال فیما باتون من قول او فعل، فاذا ماتحققت الموازنة صدقت کل مقولة، وای اختلال فی الموازنة بین النظریة والتطبیق او القول والسلوک انما یدعونا إلى مبحث جدید یعاد فیه النظر لتقویم الشخصیة الأدبیة او التاریخیة التی نحن بصدد دراستها.
وجریر محور دراستنا هو ثالث الثلاثة الذین کانت حیاتهم مرتبطة بالنقائض ومعرکتها ارتباطا مصیریة، وکانت معرکة النقائض هی المضمار الذی تنکشف من خلاله النفسیات وماتضمر بین طیاتها وخبایاها.
وهدف البحث الرئیسی هو تحدید مقدار الموازنة او خللها فی حیاة جریر بین سلوکه من خلال ما عکسه فن النقائض وجملة من اخباره وبین دعوى الورع والتقوى والعفة.
الكلمات الرئيسة
الموضوعات