الملخص
یقوم المکانُ داخلَ النص الشعریِّ بدورِ فعّال فی بنائه وترکیبهِ ، منه تنطلقُ الأحداثُ ، وفیه تتحرکُ الشخصیاتُ ، وتشحنُ النصَّ بدلالاتٍ مکثفةٍ تجعلُهُ نابضًا بالحیاةِ وتضفی علیهِ طابعَ الشمولیةِ والتکاملِ ممّا یجعلُهُ یتشکل تشکیلاً فنیًّا خالصًا معطیًا للقارئ انطباعًا واضحًا عنه ، فهو عنصرٌ مکونٌ للنصِّ الشعریِّ وتماسکهِ وانسجامهِ ، وبذلک یکونُ من عناصر التکوین الشعریِّ فیحملُ بدلالتِهِ المتنوعة ملامحَ ذاتیةً وصفاتٍ إبداعیةً ومشاعرَ إنسانیةً ، فضلاً عن التجاربِ الاجتماعیةِ التی تکملُ العمل الفنیَّ ، فالمکانُ بطبیعتِهِ المادیةِ تختزلُ فیه الکثیرُ من المشاعرِ والأحاسیسِ الإنسانیةِ الخالصةِ ولاسیما أنها مرتبطةٌ به منذُ نشأتِهِ ، فالتراکم المعرفی عند ( ابنِ عنین ) مکنَّهُ من تصویرِ الأماکنِ الواقعیةِ تصویرًا متخیلاً یستقرُّ فی ذاتهِ أولاً ، وذوات متلقیه ثانیًا ، وتحفزُهم على الاستشعارِ بهِ ؛ لأن کلَ مکانٍ عندَه مرتبطٌ بحدثٍ معینِ وفعلِ مشخصِ برؤیتهِ الفکریةِ وخزینِ ذاکرتهِ، فالمکانُ خلاصةُ التفاعل بینَ الإنسانِ / الشاعرِ وبینَ دورهِ فی إثارةِ المشاعرِ داخلَ الذاتِ التی تحاکیهِ مما یؤثرُ على سلوکهِ ، فیکتسبُ منْ سماتهِ لیرسخَ تجاربَهُ الإنسانیةُ بها .